أعياد المسلمين
أعياد أهل الإسلام لها علاقة بعبادة ربهم، فعيد الفطر يأتي بعد أداء فريضة صيام شهر رمضان وعيد الأضحى يأتي بعد أداء فريضة حج بيت الله الحرام. وسمي العيد عيداً لأنه يعود كل فترة، ولهذه الأعياد أحكام وآداب يعمل بها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وهي مدوّنة في كتب الحديث والفقه، وسنذكرها باختصار دون الإسهاب في ذكر أدلتها.
1) إخراج زكاة الفطر واجب والسنة في توقيتها أن تخرج قبل صلاة العيد فمن أخرجها بعد صلاة الفجر من يوم العيد قبل صلاة العيد فقد أصاب السنة وأجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين فمن خشي أن يضايقه الوقت بعد فجر يوم العيد ولا يستطيع أن يدفعها إلى الفقير فله أن يخرجها ليلة العيد وليحذر من تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد فإنها لا تجزئ عن زكاة الفطر وإنما تقع صدقة عنه بسبب التأخير الناتج عن التفريط والإهمال ولحديث ابن عمر (أمر رسول الله ان تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) [البخاري].
ومقدار زكاة الفطر صاع من طعام أهل البلد مما يقتات ويدخر-كالأرز والبر ويخرج عن كل شخص ممن يعول مقدار صاع عن الذكر والأنثى والصغير والكبير والسنة إخراجها من الطعام كما فعل النبي صلى الله عليه، وفي ذلك اقتداء بالنبي وإظهار لهذه الشعيرة بتلك الصورة الخاصة لأن مظاهر العبادات في الإسلام متنوعة، وحتى تصل إلى الفقير طعاماً يسد به عوزه، وللعبادات أسرار وحكم منها ما هو ظاهر ومنها ما لا يعلمه إلا الله ومقتضى العبودية الوقوف عند حدود ما شرع والحرص على العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
2) يحرم صوم يوم العيد فلا يجوز صوم يوم عيد الفطر، ولا يجوز صوم عيد الأضحى وثلاثة أيام بعده وهي ما تسمى أيام التشريق.
3) إظهار الفرح والسرور في أعياد المسلمين ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن يوم العيد لعائشة رضي الله عنها أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، ومن أسباب الفرح في هذه الأعياد شكر الله على إتمام العبادة ويمكن أن يستفاد من تحريم صوم يوم العيد لأن الصوم فيه منع للنفس من بعض المباحات وفي العيد أذن له بتناول هذه المباحات لتمام نشاطه وابتهاجه في ذلك اليوم والله أعلم.
4) صلاة العيد يشرع للعيد صلاة خاصة وهي ركعتان في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية ست تكبيرات وبعد صلاة العيد خطبة، -وتقام الصلاة في مصلى خارج البلد ويحضرها الرجال والنساء والأطفال. عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أمرنا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين" [رواه مسلم].
وعن جابر رضي الله عنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: "يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم"، فقامت امرأة من سِطَّةِ النساء سَفْعَاءُ الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير"، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن) [رواه مسلم].
5) يسن قبل الخروج لصلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا.
6)يسن الذهاب إلى صلاة العيد من طريق ثم الرجوع من طريق آخر.
7) التكبير عند الخروج لصلاة العيد وصفة التكبير [الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد].
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
"إذا كانت السنة قد جاءت بالتكبير في عيد النحر في صلاته وخطبته ودبر صلواته وعند رمي الجمار وعند الفراغ من الصيام وعند هدايته، فإنه صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال: "الله كبر" ولما ضربت خيبر وكان يكبر إذا أشرف على محل وإذا صعد الصفا والمروة وجاء التكبير في الأذان والإقامة للصلاة وعند الدخول في الصلاة وشرع التكبير لدفع العدو ودفع الشياطين وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع أو لعظمة الفعل أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ليبين أن الله أكبر وتستولي كبرياؤه على القلوب فيكون الدين كله لله ويكون العباد له مكبرين فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد سائر المطالب لكبريائه ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر، لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلبه العبد وهي مصالحه فخص بصريح التكبير لأنه أكبر نعمة الحق، فجماع هذا أن التكبير مشروع عند كل أمر كبير.
في عيد الأضحى تشرع الأضحية قال تعالى:[فصل لربك وانحر] فتذبح بعد صلاة العيد ولا يجزئ ذبح الأضحية قبل الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له" والنسك المراد به هن الذبيحة فمن ذبح قبل الصلاة فهو لحم يؤكل منه وليس بأضحية.
وبهذا نكون قد بينا أحكام العيدين رزقنا الله العلم النافع والعمل الصالح.